بسم الله الرحمن الرحيم
أين نحن من القرآن ؟
أنزل الله القرآن نورًا لا تُطفأ مصابيحه، وسِراجًا لا يخبو توقُّده، ومِنهَاجًا لا يضلُّ نهجه، وعِزًّا لا
يُهزم أنصاره، فهو معدن الإيمان وينبوع العلم، وبحر لا ينزفه المستنزفون، وعيون لا ينضبها
المادحون، جعله الله ريًّا لعطش العلماء، وربيعًا لقلوب الفقهاء، ودواءً ليس بعده داء .
هو حبل الله المتين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، فيه نبأ مَنْ قبلنا، وخبر مَنْ بعدنا،
وفصل ما بيننا .هو الحق ليس بالهَزَل، بالحق أنزله الله وبالحق نزل، مَنْ عمل به أُجر، ومَنْ
حَكَم به عدل، ومَنْ دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم .
مَنْ طلب الهدى منه أعزَّه الله، ومَنْ ابتغى الهدى من غيره أذلَّه الله، يَرفع الله به أقوامًا
ويَضعُ آخرين، ويأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه. قال عنه -
صلَّى الله عليه وسَلَّم -: (مَنْ قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى؛ فله حسنة، والحسنة
بعَشْر أمثالها، لا أقول{ألم} حرف، ولكن ألفٌ حرف، ولامٌ حرف، وميمٌ حرف)؛ رواه الترمذي .
إنَّ كتاب الله - عزَّ وجلَّ - بمثابة الروح للحياة، والنور للهداية، فمَنْ لم يقرأه ويعمل به فما
هو بحيٍ؛ بل هو ميت، وإن تكلَّم أو عمل أو غدا أو راح، ومَنْ لم يؤمن به ضلَّ وما اهتدى،
وإن سار في السماء أو غاص في الماء:
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ
لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122].
إنَّ الإنسان بلا قرآن كالحياة بلا ماء ولا هواء؛ بل إن الإبلاس متحقِّقٌ في حفظه
ونفسه؛ ذلك أن القرآن هو الدواء والشفاء:
{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82]،
{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ
آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} [فصلت: 44].
شفاءٌ للقلوب، وشفاءٌ للأبدان، شفاءٌ للمرء وأنيسٌ كلما ضاقت أمامه مسالك الحياة وشعابها،
وافتقد الرائد عند الحَيْرة، والنور عند الظلمة، يجد القرآن خير جليس لا يُمَلَّ حديثه، وتِردَادُه
يزداد فيه تجملًا وبهاءً .
وبه تنضبط النفس المتردِّدة أمام الزوابع والأعاصير، فلا تغرق في لجَّة المهالك، ولربما
ضاقت بالمرء الضوائق، ومارت في وجدانه المخاوف، ويصدّه ألمه فلا يجد إلا أن ينشد راحته
في بضع آيات من القرآن يردِّدها :
{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45]،
{وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 9].
يقرأ المسلم القرآن؛ فإذا بالسكينة والطمأنينة يعمران قلبه وجوارحه، ثم تَقْدِمُ النفس بعد
ذلك، لا تبالي ما يحدث لها، وهي تقرأ قول ربها:
{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51]،
وبذلك تتبخَّر وساوس السوء ووساوس الضعف، ويظهر للنفس أن الإنسان مبتلى
بأوهام أكثر مما يُبتلى بالحقائق، وينهزم من داخل نفسه قبل أن تهزمه وقائع الحياة:
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا
حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا
رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ
وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران: 173-175].
إنَّ المرء المسلم ليعجب من مواقف كثيرٍ من الناس أمام كتاب الله –تعالى-، وقد أحاط بهم
الظلام من كل جانب فتخبَّطوا فيه خبط العُثَرَاء! أفْلَسَت النُّظُم، وتحطَّمت كثيرٌ من
المجتمعات، وتدهورت القوميَّات والعالميَّات، وأنسنة الحريات اللاتينية المزعومة .
فالعجبُ كل العجب أن يكون النور من بين أيديهم، ثم هم يلحقون بركاب الأمم الكافرة في كل
نهجٍ ومسلكٍ، فلا يستطيعون سبيلًا إلى الهداية، كالعِير في البيداء يقتلها الظمأ والماء
فوق ظهورها محمول !!
لقد قَصَّر جمعٌ من المسلمين مع كتاب ربهم، حتى إن الواحد منهم ليختم القرآن كله،
ثم يخرج منه بمثل ما دخل فيه، ما فهم من معانيه شيئًا !
ولقد قَصَّر جمعٌ من المسلمين مع القرآن حتى قَصَرُوا بِرَّهُم به على أن تتقن مخارج
حروفه فحسب، وتُفتتح وتُغلق معقوبًا بصَخَبٍ وعَطَب من أغاني ماجنة ومشاهد مضلِّلة،
ويُردد في المآتم، ويُعلَّق في المجالس، ويُسأل به المال والجاه، ويُعلَّق تميمة في الرقاب
أو يُلصق بالصدور !!
قال الفاروق - رضي الله عنه -: "يا أيها الناس، إنه أتى عليَّ حينٌ وأنا أحسب أنه من قرأ
القرآن إنما يريد به الله وما عنده، ألا وقد قيل لي: إن أقوامًا يقرأون القرآن يريدون به
ما عند الناس! ألا فأَرِيدُوا الله بقراءتكم، وأريدوه بأعمالكم ".
للشيخ: سعود الشريم -حفظه الله-
الخميس يوليو 10, 2014 4:13 pm من طرف اسلام
» Holiday package to cairo
الأربعاء أكتوبر 12, 2011 4:32 am من طرف المدير العام
» MMS دواء لعلاج للسرطان و معظم الأمراض1
الجمعة مارس 25, 2011 11:37 pm من طرف المدير العام
» MMA دواء لعلاج السرطان و معظم الأمراض2
الجمعة مارس 25, 2011 11:37 pm من طرف المدير العام
» بركة بر الوالدين تُرى في الدنيا قبل الآخرة
الأربعاء مارس 02, 2011 3:20 am من طرف المدير العام
» لا تندم
الأحد فبراير 20, 2011 1:24 pm من طرف المدير العام
» انغام- أغنية في وحدة بتحبك أوي
الخميس فبراير 17, 2011 4:26 am من طرف المدير العام
» ابتسم واطرح بوادر الحزن عن وجهك
الجمعة فبراير 11, 2011 2:18 am من طرف malek
» خــــــــــسارة
الجمعة فبراير 11, 2011 2:00 am من طرف malek